عين على سوريا..قلعة حلب شاهد على عظمة مدينة
ورد في كتاب تاريخ الفن في العصور الإسلامية ان قلعة حلب تعد مدينة محصنة داخل سور عال في دلالة على مناعتها وتعدد عناصرها الدفاعية المعمارية فقد ضل سوريا على ما كان عليه قبل الإسلام، إذ لم يقم خلفاء بني امية ولا خلفاء بني العباس الا بترميم ما تلف من ابراجها.
لم يبخس ابو العلاء المعري في شعره مدينة حلب وتغنى بنهرها وبساتينها ومن قوله ( حلب للوارد جنة عدن ،،وهي للغادرين نار سعير.
ادرجت اليونسكو مدينة حلب على لائحة التراث العالمي .
هي قلعة سورية تقع في مدينة حلب شمال سوريا. تتميز القلعة بضخامتها وتعد من أكبر القلاع في العالم ويعود تاريخ القلعة إلى عصور قديمة وتتربع القلعة على تله في وسط مدينة حلب والصعود للقلعة المهيبة المنظر يتم بواسطة درج اومدرج ضخم يمر عبر بوابة مرتفة في الوسط ومقام على قناطر تتدرج في االارتفاع حتى البوابة الرئيسة للقلعة يحيط بالقلعة سور شبه دائري وعدد من الابراج التي تعود لحضارات مختلفة ، في داخل القلعة الشامخة نجد امامنا مدينة متكاملة من مباني و كنائس و مساجد وقاعات ومخازن وساحات ومسرح وحوانيت والكثير من الاثار ، وقد عني بالقلعة في عهد السلطان الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين، فأقيمت البوابة الرئيسية وبعض المنشأت داخل القلعة .
يتكون مدخل القلعة الأساسي من بناء ضخم مؤلف من أبواب ودهاليز وقاعات للدفاع والذخيرة، وفي أعلى هذا البناء قاعة كبيرة هي قاعة العرش التي زينت واجهتها بزخارف حجرية رائعة وغرف و قاعات . وعدد من النوافذ الصغيرة والكبيرة تطل على أجمل منظر في حلب القديمة.
تعد قلعة حلب من أجمل وأبدع القلاع واكبرها ولها تاريخ حافل بالأحداث فقد كانت منطلق وقاعدة للكثير من الحكام والملوك والقاده وشهدت أهم أحداث الشرق من عصر الآراميين وحتى العصر الاسلامي ولقد تبين أن الرابية كانت مقراً لمعابد حثيّة وآرامية، واكتشفت آثار تؤكد ذلك محفوظة في متحف حلب. وفي العصر الإغريقي أصبحت الرابية اكروبول المدينة، واستمرت كذلك حتى اقتحمها العرب المسلمون، وعلى رأسهم خالد بن الوليد، ويقال،تم ذلك بمحاولة عدد من الفدائيين العرب الذين تخفّوا بجلد الماعز، فبدوا قطيعاً يقضم العشب من سفح الرابية، وكان الروم في احتفال وسكر ونشوة، فقتل الفدائيون حامية البوابة، وفتحوا الأبواب بعد إشعال النيران علامة من المهاجمين الذين دخلوا القلعة، وأجلوا من فيها من جند وسكان. واستقر الحكم العربي الإسلامي منذ ذلك الوقت في حلب وقلعتها المنيعة التي صدت هجوم الروم والمغول والتتار، وكان أول من استعملها سيف الدولة الحمداني ثم المرداسيون وبعدهم آل سنقر ثم رضوان بن تتش أصلح فيها، ولكن الأيوبيين هم بناتها كما هي اليوم
يعود تاريخ تشييد قلعة حلب الى عهد أحد قواد الإسكندر المقدوني إذ اختار ذلك التل الشامخ ليكون معسكراً لجنوده، ولما احتل الرومان هذه البلاد أضافوا إلى القلعة منشآت لاتزال آثارها بادية للعيان، وأن البيزنطيين من بعدهم تركوا بصماتهم فيها، في حين كان الفرس يعملون فيها الخراب والدمار حين تعصف بها جيوشهم متغلبة على الجيوش البيزنطية، ثم يعود البيزنطيون إليها ليرمموا ماهدمه الفرس ويضيفوا إليها تحصينات وتعزيزات أخرى وفي عام 636م حاصرتها الجيوش العربية، وأخذ الحصار يطول،وصمدت بفضل تحصيناتها وعتادها الغزير ومؤونتها الوافرة، حتى تمكن الفاتحون من الاستيلاء عليها عن طريق الحيلة والدهاء، وذلك باستيلائهم على أحد أبوابها في بادئ الأمر،وقد وقع قائدها البيزنطي أسيراً بيد الفاتحين وكان أول من اهتم بالقلعة في العصر الإسلامي الأمير سيف الدولة الحمداني، الذي أمر بعمارتها وتحصينها وبنى سوراً لمدينة حلب، لأنه كان في صراع عنيف مع البيزنطيين، فأصبحت القلعة مقراً لإقامته وصارت مقراً دائماً للحكام في المدينة من بعده، واستمرت العناية بالقلعة في العهود اللاحقة، فقد بنى نور الدين الزنكي »وهو ينتمي أصلاً الى العهد السلجوقي« أبنية كثيرة فيها وذكر سوفاجيه تفصيلات الأعمال التي نفّذت في عهد نور الدين، إذ رمم كامل القلعة، وأعاد بناء سورها، وبنى فيها مسجداً،ولكن الإزدهار الكبير الذي شهدته القلعة كان في عصر الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي الذي ترك لنا آثاراً عسكرية معمارية مهمة،ويقول سوفاجيه : إن القلعة بشكلها الحالي ترجع إلى عهد الملك غازي، أي : إلى مابعد سنة 605ه¯/1209م . وقد أشاد المؤرخون بأعمال الظاهر غازي في القلعة، ورأوا أن المجموعة المعمارية والتحصينات التي أقامها تشكل إعجازاً في التحصين في نسق العمارة العسكرية في القرون الوسطى، فقد جدد حصونها، وبنى منحدراتها التي تبدأ من السور وتنتهي في قعر الخندق، بناءً متقناً كالجدران لكي يتعذر التسلق عليها،وفي العهد المملوكي، جدد عمارتها الأشرف خليل بن قلاوون، ثم جددّ بعض أجزائها السلطان الملك الناصر برقوق .. وكانت آخر الترميمات قد حدثت أيام السلطان قانصوه الغوري آخر السلاطين المماليك، والجدير بالذكر أن الترميمات المملوكية أبقت على شيء من مظاهر القلعة الجميلة .
الغزو المغولي
تعرضت قلعة حلب لغزو المغول بقيادة هولاكو سنة 658هـ/1260م، ولقد هَدَم كثيراً من معالمها، بعد أن وعد بحمايتها إذا ما استسلمت، وتحررت القلعة بعد انتصار العرب على المغول في موقعة عين جالوت. وقام الملك الأشرف قلاوون بترميم ما تهدم منها. ثم جاء تيمورلنك الأعرج سنة 803هـ/1400م، فهدم المدينة والقلعة، وقام المماليك بتحريرها وترميمها.
ثم استولى عليها العثمانيون سنة 923هـ/1516م وجاء إبراهيم باشا بن محمد علي باشا من مصر عام 1831، واستمرت خاضعة له حتى عام 1257هـ/1840م وفيها أنشأ الثكنة كما ذكرنا، وجعل القلعة مقراً لجنوده. ومنذ عام 1950 تجري في القلعة ترميمات وتجديدات من قبل المديرية العامة للآثار، كما أجريت فيها حفريات أثرية للتعرف على تاريخ هذه القلعة قبل الإسلام. وأحدث اكتشاف في قلعة حلب، جدار من معبد حدد إله الأمطار والأنواء، وكان معبود جميع شعوب المنطقة ويتألف الجدار من سبعة مشاهد تمثل الإله وكائنات أخرى خرافية بأسلوب فني متميّز.
الانتداب الفرنسي
استمرت مرابطة الجنود في القلعة في عهد الانتداب الفرنسي، والذي استمر حوالي الخمسة والعشرين عاماً. بدأ الفرنسيون عمليات التنقيب الأثرية وأعمال ترميم واسعة في الثلاثينيات، .
العصر الحديث
شيد مدرج حديث على سطح القلعة في أجزاء لم ينقب فيها في عام 1980 م، ويتسع لحوالي 3000 متفرج. تقع القلعة بشكلها الحالي اليوم على تل ذو قاعدة بيضاوية يبلغ طولها 450 متر
اليوم تعتبر القلعة واحدة من المعالم السياحية وموقع للفريات والدراسات الأثرية. وكثيراً ما يستخدم المدرج لإقامة الحفلات الموسيقية والفعاليات والأحداث الثقافية.
تبقى قلعة حلب شاهد على عظمة أدوار هذه المدينة في حقب التاريخ وتوليها الدولة السورية اهتمام كبير لما تشكله من معلمة تاريخية وحضارية.
* اعداد ليلى ظروف
كاتبة واعلامية سورية
(Visited 70 times, 1 visits today)